عبدالعزيز أحمد الغنام
- 2013-09-16 11:30:29
من مواليد 1930م في منطقة القبلة بالكويت، وللأسف لم أكمل تعليمي بسبب وفاة والدي رحمه الله عام 1941م، والمرحلة التي وصلتها بالتعليم هي الصف الثالث ابتدائي، فلقد اضطررت على تحمل المسؤولية في هذا السن الصغير "الحادية عشرة" ومساعدة والدتي واخوتي بتوفير لقمة العيش بأعمال خفيفة متفرقة، وفي سن السادسة عشرة عملت مراسلاً عند عائلة "آل الحمد" في البصرة بالعراق عام 1946م براتب ستة دنانير عراقي "والذي قد يعادل 60ريالاً سعودياً تقريباً"، إضافة إلى المأكل والمسكن، وبتوفيق الله وعندما أجدت في عملي واجتهدت وأثبت نفسي لديهم أصبحت شخصاً موثوقاً لديهم تحول عملي إلى أمين صندوق وتطورت معهم حتى أصبحت موظفا بقسم تصدير القمح والتمور لديهم وذلك في أوائل 1950م.
كما أنني شاركت بعضوية العديد من مجالس الإدارات واللجان الحكومية والشعبية، وحالياً رئيس مجلس إدارة مجموعة شركات الغنام، التي تتكون من عدة شركات وفروع مختلفة في تخصصات مختلفة داخل وخارج الكويت.
بدأت التجارة في أواخر عام 1950م بالكويت، ومنذ البداية كنت أنا واخواني محمد ويوسف شركاء في مجال قطع غيار السيارات وبرأس مال ضئيل، وبفضل الله ثم تماسكنا وتكاتفنا جميعاً توسعت أعمالنا بالتدرج وأسسنا عدة شركات لتلبية احتياجات السوق والمساهمة في تنمية البلد، وهي الآن "بفضل الله" من الشركات الكبرى في الشرق الأوسط.
"الرياض": ما أبرز العقبات التي واجهتكم في بدايتكم؟
- طبعاً في البداية واجهتنا عقبات كثيرة، وطريق التجارة مليء بالورود وقد يقابلك الشوك أيضاً، وأقصد بالورود أولاً المتعة التي يعيشها التاجر وهو يعمل بحر ماله.. وهو مدير نفسه "وهيه المتعة قد لا يعيشها الموظف الذي يعمل لغيره"، وثانياً العائد الربحي الذي يحققه التاجر النشيط والذكي، والأشواك معروفة، فقد تكون إما أزمة مالية أو عقبات أخرى تواجه التاجر بشكل عام، أما بالنسبة لي فلقد كان رأس المال الضئيل جداً بالمقارنة مع طموحنا وما كنا نصبو إليه، لكن بفضل الله وتكاتف اخواني معي تغلبنا على هذه العقبة وغيرها، أولاً بأول، ومع مرور الوقت واكتساب الخبرة والصبر وضعنا أقدامنا على طريق التجارة الصحيح حتى أصبح لنا اسم له ثقته في السوق المحلي والخارجي، وأنبه بأن الصبر هو أهم سلاح يتسلح فيه التاجر فيجب على الشاب الطموح بأن لا يستغني عن هذا السلاح ثم الإصرار على تجاوز العقبات وتلافي الأخطاء وتصحيحها وسيكون له النجاح بعد توفيق الله.
"الرياض": ما المجالات التي تنشط تجارتكم فيها؟ وكم عدد فروعكم في الخليج؟
- كان العمل الأساسي هو التجارة في قطع غيار السيارات وبعد تطورها ونجاحها، وايماناً منا بأن التنويع في التجارة مطلب أساسي ومهم نوعنا في التجارة فتوجهنا للعقار وأيضاً في الأسهم ببعض الشركات، ومع مرور الوقت أصبحت الشركة عبارة عن مجموعة شركات بتخصصات مختلفة وكل شركة لها فروعها الموزعة في الكويت وخارجه حتى أصبح لنا اسم معروف وموثوق.
كما أننا لم ننسَ الاستثمار الأهم المتمثل في استثمار الأبناء، ففي كل مراحل التطور السابقة التي مرت على الشركة كنا نؤهل أبناءنا كل ابن على حسب رغبته واهتماماته العلمية والتخصص الذي يهواه، وبعد نضجهم ورغبة منا في خوضهم لمجال العمل ولمواكبة العصر المتطور بأفكار الشباب بدأنا بغرسهم كل واحد منهم في مجاله "وقد كان أول واحد منهم باشر العمل عام 1991م"، وبدأنا بفتح تخصصات أخرى إضافية بقيادة الأبناء وبمساعدة نخبة من الموظفين والمستشارين من مختلف الجنسيات والتخصصات، وبفضل الله وتوفيقه رأت هذه الشركات الجديدة النور بتخصصات مغايرة للتخصصات السابقة التي كانت أساس هذه الشركات، وعلى سبيل المثال وليس الحصر اتجهنا مع الأبناء إلى تجارة المجوهرات والألماس والذهب والملابس اضافة إلى المطاعم والمدارس والمجال الصحي كالمستوصفات والمستشفيات والفنادق والسيارات والمقاولات إلى جانب التجارة في نطاق الاستثمار العقاري، كما أن هذه الشركات ولله الحمد بجهود الأبناء وفريق العمل المصاحب لهم أصبحت هذه الشركات المختلفة ناجحة ولها فروع مختلفة وكثيرة في دول الخليج وجنوب افريقيا والباكستان والهند وتايلند وسنغافورة وأمريكا وأوروبا والمالديف وبلدان أخرى لم تسعفني الذاكرة على حصرها. وسياسة التنويع هي دائماً السياسة الناجحة والتي قد يسميها البعض عدم وضع البيض في سلة واحدة.
"الرياض": كيف تصفون بيئة الاستثمار في الخليج ومدى جاذبيتها لرؤوس الأموال المحلية والأجنبية؟
- جميع دول الخليج بدون استثناء تؤدي دورها المطلوب في تشجيع المستثمرين سواء المستثمر العربي أو الأجنبي ولا شك أن كل دولة لها سياستها التي تناسب الوضع الاقتصادي عندها، فكل دولة لها أسلوبها ونهجها الخاص في هذا المجال، علماً بأن المستثمر قد يعاني من غياب المرونة في بعض القوانين التجارية والتي قد ترهب المستثمر ولا يشعر معها بالاطمئنان، علماً بأن من نعم الله سبحانه وتعالى علينا وجود الأمن والأمان في دول الخليج وسياسة حكامنا العادلة وقد تكون هذه أسبابا جوهرية لتجعل الاقتصاد في دول الخليج مطمئنا أكثر من الدول الأخرى ولله الحمد.
"الرياض": ما أسباب توجه بعض المستثمرين الخليجيين للاستثمار خارج دولهم؟
- التاجر الخليجي قد يختلف عن غيره فهو تاجر محب لروح المغامرة وطبيعة الشعب الخليجي وهمته العالية في مواجهة التحديات فالتاريخ يشهد بإمكانية التاجر الخليجي الذي جاب البلاد طولاً وعرضاً، وهذا سبب جوهري لتوجه المستثمرين الخليجيين للاستثمار خارج بلادهم، إضافة إلى التنوع والتوسع في التجارة.
"الرياض": كيف تقيمون البيئة الاستثمارية في المملكة؟
بفضل الله وبسياسة العدل الموجودة في المملكة وبفضل حنكة الحكومة نمت بيئة استثمارية خصبة، حتى أصبحت المملكة في زمن قياسي من البلدان التي لها ثقلها ووزنها في مجالات الاستثمار الخارجي وتطور في الاستثمار الداخلي.
"الرياض": كيف تقيِّمون الأنباء التي تتحدث عن وجود طفرة ثانية يعيشها الخليج حالياً؟
- الطفرة الاقتصادية وحدها لا تكفي لتصنع تاجرا في أي بلد من العالم، فالتجارة قول وثقة وعمل مع المثابرة والإخلاص لتكوين سمعة طيبة في السوق ويأتي بعدها استغلال الطفرة الاقتصادية بمفهوم التجارة الصحيح، وسيقطف ثمارها فيما بعد هو وأبناؤه ولا يجب أن يتوقف على ذلك بل يهيئ أبناءها للمحافظة على هذا الإرث ليتمتع بنتائجه الأحفاد.
الطفرة الاقتصادية في أي بلد لا تتكرر إلا بعد سنوات فيجب استغلالها بالشكل الإيجابي الصحيح والمدروس جيداً.
"الرياض": ما المواقف التي لا تنسى في عملكم التجاري؟
- المواقف كثيرة ومن الصعب الإفصاح عنها أو تذكرها، ولكن الذي لا ينسى الأيام المريرة التي مرت فيها بلدنا وما نتج عنه من ضرر شمل الأمة العربية والإسلامية أيام الغزو الغاشم على دولة الكويت والحمد لله على كل حال.
"الرياض": كيف ترى مستقبل الشركات والمؤسسات العائلية في ظل العولمة؟
- كما يعلم الجميع بأن "الاتحاد" قوة، حتى أن ديننا الحنيف حثنا على الاتحاد والتضامن، لذا ومن وجهة نظري الشخصية أن الشركات العائلية قوة، بشرط أن تؤسس على أسس سليمة ونوايا حسنة وصادقة، ولذا أنا أشجع على تأسيس الشركات العائلية ففيها القوة وتمتين أواصر الأخوة وفيها صلة للرحم الذي أمرنا به ديننا الحنيف ووصى به الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.
"الرياض": هل السوق الخليجي قادر على مواجهة التحديات في ظل منافسة الشركات الأجنبية مع الدخول في منظمة التجارة العالمية؟
- فعلاً.. تواجهنا الآن تحديات كثيرة والمطلوب من رجال الأعمال الخليجيين أن يضعوا نصب أعينهم مستقبل البلد ومصلحته فوق كل اعتبار وبالتكاتف نصل ونواجه أصعب المواقف بالتعامل مع الشركات العالمية المنافسة.
"الرياض": ما تقييمكم للأنظمة التجارية المعمول بها في الخليج حالياً؟
- نطمح نحو المزيد من الانفتاح والقوانين المرنة، فالمنطقة وبفضل الله بوابة تجارية عالمية وعلينا استغلال هذه النعمة التي وهبنا إياها الله "سبحانه وتعالى" ونطمع من حكوماتنا سن القوانين التي تخدم ذلك، لأننا وبثقة نستطيع أن نكون من أوائل التجار في العالم، فعندنا كل المقومات والفرص لكن تحدنا بعض القوانين التي مرت عليها سنون وأصبحت بالية وغير مناسبة لهذا الوقت، وفي ظل الانفتاح العالمي وعصر التكنولوجيا والاتصالات علينا مسابقة الزمن حتى نبقى في الطليعة.
"الرياض": كيف تنظرون للمدن الاقتصادية التي تخطط المملكة لإقامتها حالياً وما أثرها على مستقبل الاقتصاد السعودي؟
- اعتبر هذه المدن الاقتصادية دليلا على سعة آفاق حكومة المملكة ونظرتها الشمولية البعيدة المدى وهذا الشيء سيكون له الصدى الإيجابي لمستقبل الاقتصاد السعودي والذي بدوره سيترك أثراً جميلاً على الشعب السعودي قاطبة.
"الرياض": أيهما الأفضل من وجهة نظركم الوظيفة الرسمية أم الأعمال الحرة؟
- العمل ليس عيباً بشتى مجالاته إذا كان شريفاً ويوفر لقمة العيش الحلال، فالكثير من الوظائف حيوية وضرورية للبلد وكل فرد يشغلها يساهم في عملية التنمية، فكم من موظف له الأثر الإيجابي في تطوير البلد، ولكن توجد وظائف تحد من إمكانيات وطموحات الإنسان فتصبح بطالة مقنعة تضر بمصلحة البلد، وبالنسبة لي لو عاد الزمن إلى الوراء لن أكون إلا تاجراً إن شاء الله مع العلم بأنني في الفترة الحالية أنا واخواني نعتبر أنفسنا متقاعدين بعد تولي الأبناء المهام الإدارية في الشركات وأثبتوا جدارتهم، ونبقى نحن لهم مثل المستشارين في بعض الأمور.
"الغنام" تجربة
رجل أعمال ناجحة
التجارب الإنسانية والعملية المتميزة تكون دائماً ملهمة ومحفزة للاقتداء وما أكثر هذه التجارب التي نبعت مفعمة بقيم مجتمعنا الخليجي وموروثاته الغنية بالإيثار والرحمة والتكافل والصدق.
وفي هذا الحوار واحدة من التجارب العصامية التي حملت صاحبها على استنهاض عزيمة طفل شديد المراس نحو اخوته الصغار وأمه الحنون فقرر النهوض بواجبه وهو ما يزال في بداية العقد الثاني من عمره، وعلى الرغم من صغر سنه إلا أن هذا الفتى استطاع أن يترجم الظروف القاهرة للنشأة البائسة إلى وقود للأمل الأرحب والعطاء الخلاق، ولم تفارقه لحظة قيم الأساس ومرتكزات الثقة بالنفس وبالآخرين أينما حلت تجاربه المتواصلة.
عندما فجع بوفاة والده وهو في سن الحادية عشرة وتولى مسؤولية إعالة والدته واخوته اضطر مرغماً أن يترك مقاعد الدراسة وهو في الصف الثالث ابتدائي، وهذه الظروف قد تتسبب بما تحمله من تأثير نفسي على أي شخص بهذا العمر الصغير بأن يصاب باليأس ويسلك درب الضياع، ولكن هذا الكلام يختلف مع ضيف "الرياض" الذي تحدى تلك الظروف، وانخرط في مجال العمل وكان همه الوحيد هو أن يوفر لقمة العيش له ولأمه وباقي أسرته، وكان لهمته العالية وعزيمته دور في تطوره السريع وتحوله من مراسل يتقاضى ما يقارب ل 60ريالاً إلى رئيس مجلس إدارة شركة من أكبر الشركات في الشرق الأوسط.
عبدالعزيز أحمد الغنام، رجل الأعمال الكويتي.. دفعته الحاجة بعد التوكل على الله إلى الثراء ولم تثن عزيمته أي عقبات أو ظروف وقتية، وبالإضافة لإصراره وثقته بنفسه، كان لقوة ترابط وتلاحم إخوانه معه "فيما بعد" الأثر الذي أسهم بتطور بداياته التجارية، ليرسموا صورة إبداعية جسدت القوة في الترابط الأسري والمبني على النية الحسنة والصدق فيما بينهم والتي قد تكون غابت في هذا الزمن بين بعض الاخوة.
وللغنام استراتيجيته الخاصة في تطور شركاته واستثمارها بشكل أمثل، وفي المقابل اهتم بالاستثمار "الآخر" الذي يعتبره "الأهم" وهو الاستثمار في الأبناء وتأهيلهم ليكون لهم دور أيضاً في تنمية هذه الشركة العملاقة وتنوع تخصصاتها وتعدد فروعها في أنحاء متفرقة من العالم، لتحمل هذه الشركة مسمى يشار إليها من الناس بمجموعة الترابط الأسري الصادق